السبت، 26 ديسمبر 2009

خاتمة النهار..!!

هى ساعات النهار التى تثير قلقى وهى ساعات الاياب الملعونه،تلك الساعات التى
تنحسر فيها الشمس ،وقبل هبوط اللون الرمادى ،اكون قد وصلت الى دارى ،وبدلت ملابسى
وخلعت عن جسدى عنفوان نهارى الحافل،وفارقت زهوى،واصبحت نهبا لمشاعر الوحده و
اليأس.
اتحايل على زمانى وقد طال عمرى ،واستعد لمواجهة الليل الطويل اللئيم بممارسة
طقوس اعتبرها ذاد حياتى ،و منجاتى من موت محقق .
فى البدايه اشغل نفسى بأشيائى الصغيره،صحفى ،اوراقى ،كتبى ،مذكراتى ،اعيد ترتيبها
،انفض التراب عنها،اخط شيئا"عنوان صديق،رقم تليفون تعدل ،ثم امارس هواياتى ،ادخل
المطبخ ،اقطع البصل،والطماطم،اقشر حبات البطاطس .
يحدثنى ابنى من عيادته ،فى السابعه ونصف قبل انشغاله باستقبال المرضى،اتأكد
من غلق كافة المنافذ التى ربما تأتى منها ضجه ،فهذه مكالمة ابنى ،وابنى لا يحادثنى فى
أاوقات غيرها،بسبب كثرة مشاغله،جامعه ومستشفى وعياده واستشارات منزليه،وزوجه
وطفل..مسكين..
واذا اسعدتنى المكالمه توجهت الى المطبخ،واكمل عملى واتفنن..واذا لم ترقنى كلماته،او ازعجتنى .اكتفى بقطعة جبن، مع الطماطم وصدت نفسى عن متابعة الطبيخ ..
تميزت مكالمة ابنى د.سامح هذه العشيه بالجفاف والرعونه ،مكالمه خاليه من الود
وشابها كثير من سوء النيه من ناحيته ..قمت وفتحت النوافذ ، استنشق ضجة الجيران ،
وتلفزيوناتهم المفتوحه على كافة المحطات الارضيه والفضائيه.عوت محطات عربيه واجنبيه ..اخبار الحرب فى فلسطين وافغانستان الى جانب المسلسات والتوك الذى يفور الدم
،اغرقت نفسى فى ضجيجها عن قصد لاكبح عواء غاضب فى داخلى من الولد..
هذا الطبيب حقق شهره فى عالم الطب، ولكنه ظل على حماقته فى امور حياته، فى
اعلاقته بأهل بيته ولايستمع الى نصائحى فى بلاده..
عندما تسعدنى مكالمته تظل شقتى قلعه صامده بعد المكالمه التليفزيون والراديو
مغلقان ، نوافذ الشقه وابوابالشرفات المطله على الشارع مغلقه بالزجاج والشيش واغلق
كل المنافذ،فيما عدا نافذه صغيرهتطل على المنور الداخلى..اتركها مفتوحه،عن عمد لتأتينى
منها اصوات الجيران..
هى همزة الوصل بينى وبين العالم الخارجى ..........


الخميس، 17 ديسمبر 2009

رتابة حياه..!!

ابدأ يومى فى السادسه صباحا"اسمع نشرات الاخبارقبل نزولى من بير السلم،
وانشغالى بتحضير الطعام ،ثم التفت الى اوراقى الخاصه ،وينادينى هذا الديك من شارع
خلفى،صوته ارق من اجراس المنبهات الحديثه ،ويظل الديك يصيح حتى أنهض،ويضيع منى النوم واقوم ،واضع الشبشب فى قدمى ،واتلمس طريقى فى العتمه الى الحمام،ففى الشتاء
تنكون طرقة الحمام معتمه ،قبل فتح النافذه المطله على المنور.
كل الجيران فى العماره لديهم اطفال وتلاميذ صغار ويقومون من الفجر،لايقلقهم
صياح الديك،ولازمجرة السيارات ،يزعجهم فقط نشرة اخبار البى بى سى..اناس عجب..!!
بعد سماع نشرات الاخبار وشرب فنجان القهوه ،ينادى بائع الصحفمن بير السلم عشر
مرات فى نفس واحد (ابن الحرام):استاذ متولى ..استاذ متولى..
ارد من الطابق الثالث:اخرس....سمعنا.ولافائده..ادعو بصوت عالى ان يأخذه عزرائيل
فيضحك ويقول :استاذ متولى صباح الفل.؟
اعلم ان هذا النداء الاخير للانسه ايمان قاطنة الدور الرابع ولهذ يعلى ابن الحرام صوته..........ولايضع لفة الجرائد فى صندوق البريد او فى بير السلم،بل يرمى اللفه
ويرمح ويهرب قبل ان اقذفه بفردة الشبشب..
منذ سنوات اصبح صندوق البريد لايحمى الجرائد من الضياع،اصابع الصبيه ،وهواة الكره،وبدلا من الشجار مع الجيران ،وتخوين الصغار انزل من الطابق الثالث.
اتناول لفة الصحف واصعد الى الشقه واضعها على المائده فى الصاله ابحث عن المقص
فى المطبخ والادويه ..
طقوس يوميه اقوم بها فى طريقه آليهولااستطيع التخلص منها ..وانا لاابدل الطقوس اليوميه ..فهل ابدل مسكنى؟واين اجد صبيا مثل بليه يبالنى تحية الصباح؟واين استمع الى
مثل هذا الديك الفصيح..هذه عشرة عمر..


الجمعة، 4 ديسمبر 2009

النقش على الحجر..!!

جاء تامر حفيدى لزيارة جده العجوز فى صحبة خادمته وسائق والده،بوق
السياره يعلن قدومه، فتحت الباب وجلست على اقرب مقعد من الباب ،فقد
سعلت،ابنى وزوجته لايحترمان وحدتى،انا لااود الذهاب للنادى مع حفيدى ،
لابد من مخرج فانا مشغول بالقراءه،امسكت بكتاب تارخ الحضاره لويلدرونيت،ووضعت على عينى نظارتى السميكه،فوجئت بالطفل يبتسم كأنه غير مصدق اننى اقرأ،فى زماننا ،كان يمكن خداع الاطفال ،بان على وجهه الغضب ،فى زماننا كان الصبيه اذا
غضبوا ضربوا رأسهم فى الحائط ،يمزقون ملابسهم.
تامر لايتركنى فى حالى،يمسك فى تلابيبى ،يطعننى بعشرات الاسئله،مجرد اسئله ليقل انا هنا،ابرز الطفل كارنيه دخول النادى ،وطلب منه قرآته .الولد لايقرأ العربيه ،مصيبه،كنت
فى عمره احفظ القرآن،وبعد سنوات قلائل كنت اقرأشعر حافظ ونثر طه حسين،وشوقى بك
والا الفلقه ،فلقة شيخنا الاعمى ..
رحلة النادى هذه من تدبير الدكتوره شرين زوجة ابنى،يسألنى تامر هل انت بطل سباح ياجدى ،قلت نعم ،واين تعلمت السباحه جدو فى النيل ..وباندهاش وبلا صدق:والبلهارسيا
والمدرب الاجنبى،قلت بدون مدرب رأيت الجاموسيسبح فتعلمت منه.الولد لا يصدق.
عدنا للمنزل ،هل تشترى لى كوميوتر يا جدى؟ سرحت ثم نعم .وقال ان امه لاتسمح به فى
منزلنا لصغر سنى ..والولد سمع نعم واذا به يقفز ثم يسحب ورقه وقلم ويحسب عدة حسابات ،ورسم على الورقه اشياء،هذا طفل من زمن قادم ،يفكر والورقه والقلم فى يده.
خزلته وتركته ولم اتكلم،وقال الطفل :نضع الكومبيوترفى الغرفه المجاوره للمكتبه ،فى مواجهة النافذه،وعلى منضده طولها متران ،وهناك فيشة كهرباء وفيشة تليفون.
وما فائدة التليفون .لزوم الانترنت ياجدو ،هل تؤلف ياجدومن دون انترنت ،ولم ارد،قال:
انا احضر عناصر اى موضوع من الانترنت والعب الشطرنج مع الامريكان واحادث ناسو
على الشات،فسألته عن عمره فأجاب وهل نسيته ياجدو تسع سنين..
الفرق ليس كبيرا يامتولى !انا فى عمره قرأت الفية ابن مالك والف ليله فى الصعيد الجوانى وهو يقرأ لغة الانترنت فى القاهره المحروسه.
اللغه ليست وسيله ولكنها حياه..
كيف نسيت تاريخ ميلاده ؟ااتى له بلعب اطفال واستيكرات ويأخذها ويلقى بها فى اقرب
صندوق زباله يصادفه..
تامر من اين نشترى الكومبيوتر ؟نعم ياجدو فسألته واين تعلمت كل هذا؟فى المدرسه
وعند ناسو صديقتى ،عندها اثنين ..واحدويندوز والاخر ماكنتوش،استمع اليه مندهشا
ولم افهم ربما ماركه كماركات السياراتاو علامات تجاريه..
وما الفارق بين الويندز والماكنتوش؟
تامر:نظم تشغيل مختلفه ياجدو
مسأله معقده جدا"ولاكن لابد من مطاوعته ،وتنازلت عن الفهم.واسلمت له قيادتى فى
مسيرة شراء الكومبيوتر..وتركنا السائق والشغاله ،فقد كان شرطى الوحيد هو الذهاب
والعوده فى تاكسى........


الجمعة، 20 نوفمبر 2009

المسكن..!

سكن الانسان مثل ملابسه، يجب ان يكون على مقاسه ،ليس بالواسع او الضيق،وارى ان الشوارع الضيقه اكثر
هدؤا"من الشوارع الفخمه،وهذا ما يحبب لى بعد كل هذه السنين البقاء فى عماره قديمه من خمس طوابق،فى شارع جانبى من شارع رئيسى فى ضاحية مصر الجديده ..
اشتريتها اوائل الستينات اثناء عملى بالاصلاح الزراعى وكانت من طابقين فجددتها وزدت عليها ثلاثة طوابق ،وكان الشارع واسع نسبيا" شارع لا تقتحمه تاكسيات اوسيارات غريبه ،وان كانت تسللت اليه فى الثلاثين سنه الاخيره ،بسبب وسعه سيارات الجيران ،واخذت تركن على جانبيه ،كلها سيارات قديمه مستهلكه ، تصنع ضجه كل صباح عند قيامها ،ويعانى اصحابها الامرين ،عند الخروج
بها الى الشارع العمومى ،هذا اذا دار الموتور،وعادة لا تدور هذه الموتورات ولا تتحرك الا بالزق.
معظم هذه السيارات قديمه وكهنه ،وربمافى بلدان اخرى لايسمح لها بالسيرولكن هنا فى هذه المنطقه ،دق فى النهار والليل
والسيارات انقضى عمرها .
واتبادل الحديث يوميا" مع صبيه صغار فى الذهاب والاياب ،وانا الذى لم امتلك فى حياتى سياره ،هؤلاء الصبيه هم الثروه الحقيقيه
لمصر وليس اولئك الذين ينهبون البنوك ويستوردون السيارات وقطع الغيار.
والسيارات فى شارعنا حكايتها حكايه تتمرد الواحده وتصدر زمجره غاضبه ودخانا اسود ،واحيانا تخر بنزين و
النداء ماما البطاريه نايمهوبعد النداء على ماماهات يا زق ممن يتصادف مروره من الاغراب والكل يزق ..هذه ساعة المحنه..
فيظهر صبى كالقرد فى يده بركه وفى مخه مفهوميه ..يلف حول السياره ،يفتح الصاج يسمع الموتور ويضع فيه سلك يقيس الزيت
يطلب النقود وعادة تسير السياره بعد دفع البقشيش............

الخميس، 29 أكتوبر 2009

معاناة الشيخوخه!!

أمراض الشيخوخه كثيره ومرجعها كلها -حسب رايى-سوء الهضم :السكر .الضغط .القولون . الصداع النصفى.
ضعف الرؤيه. ضعف السمع .حبسة البول ليلا .البواسير...
لهذا كله طعامى قليل ..وضعت قرن الفلفل الاخضر ..سبب المصائب..على حافة الحوض ،قرن الفلفل الاخضر دواء لقرحة المعده
آكله نيئا"فى طبق السلطه مادامت البواسير بخير ..اما اذا التهبت كفانا الشر لافلفل ولاطعام سوى الارز والشعير المسلوق فى الماء
دون ملح ،وعوده للادويه.
منذ رحيل زوجتى ومسائل الطعام هى شاغلى الهام .
كبار السن تشغلهم امراض الشيخوخه ونوعية الادويه وانا اعانى من قرحة المعده ،متاعبها محتمله حتى هذه اللحظه ،اصبت بها فى شبابى ولازمتنى حتى سنوات الشيخوخه.وتعايشت معها دون متاعب وتعودنى فى الاعياد وعند تناول الطعام عند ابنى اوبعض الاقارب.
ساعات نهاية النهار هى التى تثير قلقى وهى الساعات التى تنسحر فيها الشمس ،اكون فيها قد وصلت الى دارى وبدلت ملابسى
واصبحت نهبا لمشاعر الوحد واليأس.
اشغل نفسى بأشياء صغيره ،الصحف .الاوراق .الكتب .مذكراتى .ثم ادخل المطبخ اقطع البصل ،الطماطم البطاطس قطعة بطيخ صغيره او برتقله الى جانب عدة تمرات..

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2009

لست ابن موت!!


لست ابن موت!!
ابناء القرى والنجوع فى صعيد مصر ،يموتون مبكرا" فى عز شبابهم الامراض كثيره، ومن يفلت من المرض ، يغرق
فى ماء الفيضان قبل بناء السد، اويلدغه عقرب صحراوى ،او ثعبان سام ، مات لى سبعة اخوه ذكور وثلاث إناث ،ونجا من الموت ثلاثه
،رحلوا جميعا فى سنوات متقاربه، وقبل الستين،وانا قد تجاوزت السبعين ..ولهذا اتسآئل فى ساعات صفوى :
اليس هذا عجيبا"؟.
قالت عماتى وخالاتى فى طفولتى ان عمرك سيطول ..يامتولى..وان مولدك شهد علامات..صدقتهن!وجازفت ورميت نفسى
فى بحور هائجه،سبحت فى مواسم الفيضان ،خرجت للجبل اطارد الثعابين والعقارب،صادقت المطاريد،وقدمت الى القاهره.
فى طفولتى وشبابى وشيخوختى اقتربت من الموت كثيراولاازال حيا".. عمر الشقى بقى..
حفظت القرآن الكريم فى كتاب عزبة سليم القريبه من سفح الجبل ،علىبعد ستة كيلومترات من النجع الذى ولدت فيه .وكنت اقطعها
على قدمى .. سيرا".. وتابعت التلاوه فى منزل الشيخ سيد ، وفى الثانيه عشره من عمرى ،حفظت الفية ابن مالك ،وقرأت نهج البلاغه
وطه حسين واحمد امين وشوقى وحافظ.
فاتنى قطارات كثيره،بسبب كثرة كلامى ،فاتنى -عدة مرات-قطار الترقيه، فاتنى قطار الزواج بعد وفاة زوجتى وكانت
اصغر منى بعشرة سنوات كامله ،فاتنى تكوين قبيله من الاولاد والبنات ،فاتنى تكوين ثروات وكنت قادرا"واهم من هذا وذاك
فاتنى قطار الموت، وربما ذلك بسبب الكلام ايضا".
وحتى سنوات قريبه كنت اعتقد ان العظماء من الرجال يتعين عليهم الرحيل قبل نهاية القرن العشرين.وليس فى عقد جديد
من قرن جديد.