الجمعة، 19 فبراير 2010

ليله سوداء ..اخرى..!!

ابنى يحدثنى انه يريد ان يرانى فى فيلته بالتجمع الخامس اوالرابع لااعلم، وان اتعشى معه ومع شرين وتامر ،وبفخران
المائده ستضم السيموفيميه.. وان طليق زوجته ارسل له كميه لان ابنه تامريحبها ،فاض بى الكيل،غاظنى ذلك البرود ،صارحته برأيى
فيما يفعل ،وكانت لهجتى غليظه وكلامى قاسيا ،ولكن لم اسمع سوى ضحكة ابنى على الطرف الآخر.
ليس أمامى سوى القول ياللمصيبه..!! لكنى لم اقلها..احمق من صغره ، ولد هذا الطبيب وبه حماقه دفينه، كانت عيناه مغلقتان
دوما ويبدو ساهما ،ولد عديم المفهوميه ،وقلبه بارد الحس من يومه ،وتخصصه العلمى زاده بلاده على بلاده، موضوع عمله فرج المرأه
،ورحمها ، وهذه مصيبه أخرى .نعم لوكانت ؟أمه معنا لسبته ،وبهدلته ..
كيف يأكل من زاد طليق امرأته ؟كيف؟
هذا الفعل ليس تحضرا وليس من المدنيه فى رأيى انا ابن الصعيد الجوانى ،بل هو الخيبه راكبه جمل.
ابنى يتساهل فى الامور الصغيره فتفلت منه كبريات الامور ..
خبز طليق الزوجه محرم ،ماؤه محرم ، يا ولد ..فار دمى غاظنى الحديث الى حد الموت ،كسرت كلمات ابنى قلبى ،سقط نصفى الاعلى
،احنيت رأسى ،وقفت فى الشقه والسماعه فى يدى ،اتأمل السجاد القديم ،وأشم فيه رائحة المرحومه ..خساره ياولد ..ليلة سوداء أخرى.
الذهاب الى النادى فى سيارة طليق زوجة ابنى من المحال ،هذا صعب على القلب ؟..!طليق الزوجه ، ماؤه مر وان عذب ،
تجملت فى ردودى ، ونابغة الشرق لا يفهم ، طبيب العلوم النوويه والبويضات والحيوانات المنويه ، وهى اساس الحياه والعمران ،
لايفهم ..
قلت :
- يوم الجمعه عندى مشاغل اكاديميه .فى زيارتى طلبه يعدون لشهادات الدكتوراه فى تاريخ الحركه الطلابيه فى مصر فى النصف
الثانى من القرن الماضى.
قال الطبيب :
-فهمت.
انا لست واثقا من فهم ابنى ،المغفل حقيقة اطاعنى ،قبل اعتذارى ، لكنه لم يفهم أسبابه ،قلة الفهم هى أكثر ما يضايقنى فى أبنى
..طليق الزوجه ؟؟ ياللعار ..!! وماذا بعد يا ولدى ؟ لاحول ولاقوه الا بالله . ابراج نيويورك احترقت ،ورموز العولمه سقطت ،
وهو يأكل من عرق طليق زوجته الملياردير ،خرجت النا س للمطار لاستقبال البرادعى ، وابنى الدكتور سامح يبحث عن السيموفيميه
عند ملك مواسير الصرف فى الشرق الا وسط..
كيف اركب سياره فخمه لرجل علاقته الشرعيه بأبنى منعدمه ؟ بل يحسن تجاهلها ونسيانها كلية ؟ سنة الحياه الابتعاد عن الزوج
السابق للزوجه ، وقطع كل علاقه به ..هكذا نشأت..وتعلمت ..
الرجل الثرى يود شراء ابنه بمواد التموين والسيارات .انا حتى الآن لااعلم ما هو السيموفيميه ؟ ومرسيدس ..!!ياللعار ..!!
هدأت قليلا قلت :
انا لا استطيع التعشى خارج بيتى ولا السهر ولا اقدر على الذهاب لاى نادى بهدف رعاية طفل فى الثامنه او التاسعه من عمره حتى
لو كانت الشغاله فى صحبته ،وانا لست جده ، وربما له جد آخر على قيد الحياه ،وعلاقات الرحم ابقى وأقوى..
يأتى الطفل لزيارتى فى مصر الجديده فأرحب به ، ويمر على بالكوربه فى مقهاى المفضل ، الاعبه طاوله او دمينو .كل هذا مقبول
ولكن ركوب سيارة والده الملياردير .هذا هو غير المقبول.
ماذا اقول لوسألنى واحد من معارفى عن هذه السياره الفخمه ؟ يشير للسياره ويقول هذه سيارة واحد من تماسيح هذا القرن
، هذه سيارة الرأسمالى الكبير طليق زوجة نابغة الشرق فى عمليات اطفال الانابيب والاخصاب خارج الرحم .
ليحترم الولد درجته العلميه ، ورفعة تخصصه ،لكنه مغفل لايفهم ..!! قلت ساخطا:
تخصصه النصف الاسفل من جسد المرأه ، من اين له الفهم ؟؟
لم أضحك ولم أبتسم .
سقطت السماعه من يدى على الارض ،تركتها فى موضعها ، توجهت الى الصاله .. لا فائده من الكلام ، مع أبنى اومع غيره ،
وياليته ما طلبنى الليله ، ادرت المذياع ، ورفعت صوت التليفزيون على آخره لعدة دقائق ،حتى اهدأ واستجمع أنفاسى ، العالم كله
يغلى بتعليقات ساخنه وحزينه ،عدوان اسرائيلى فى الاراضى المحتله ، فى غزه مقتل سبعة اطفال ، هدم عشرين بيتا ،قصف بالصواريخ فى افغانستان ...........شغلتنى مجريات الامور فى العالم عن أبنى ،ليلة سوداء أخرى .
سماعة التليفون مرمية على الارض ، سمعت حشرجه انفتاح الخط ،وصفيره المتقطع كأزيز شؤم وسط الاخبار المتلاحقه ، تناولتها،
وضعتها فوق التليفون لأكبس أنفاسه ، وينقطع صفيره..

السبت، 23 يناير 2010

1946..نقطة البدايه ..!

1946 نقطة البدء
جئت فى تلك السنه من الصعيد الجوانى ،لأصنع عالمى بين القاهره والجيزه،عرفت دروبهما ،وازقتهما التحتيه
طالب فى عز الصبا ،سبعة عشر عاما ،نجيت من الغرق،والنيل عند جزيرة الروضه فى تلك الايام وحش كاسر،
من حقى ان انزل الى بحر الناس ،بعد ان هزمت موج النيل تحت الكوبرى.
لهذا اؤرخ لحياتى كلها بسنة وقوع تلك الحادثه ،وليس بسنة ميلادى 1929 او بسنة قدومى من الصعيد . وبعد خروجى الى المعاش اصبحت حكايات حاضره كلها ،بجذورها وفروعها تعود الى تلك السنه .
وانا لا اشير عادة الى الشهر او اليوم فتلك تفاصيل تخص المؤرخين وليس عامة الناس ،والخص الحكايه لسامعينى فى عدة جمل قصيره لا ابدلها بزياده او نقصان على مر السنين .
-كنا طلبه بالسعديه ،وهاجمنا العسكر من ناحية الجيزه ومن ناحية الروضه ،ثم فتح كوبرى عباس علينا ،ضرب من ضرب وقفز من قفز ،وكنت من الناجيين ،بفضل تدريبى الطويل على السباحه فى النيل ،فى ذروة الفيضان ،النيل فى النجع فى موسم الفيضان عفى ،سطحه سجاده حمراء ، كثيفة الوبر ،شقها يحتاج ضربات قويه،فالطين الاحمر ثقيل ،وموجه عال .ومنذ طفلتى وانا اسبح فى العمق..
ضيق ابنى الدكتور سامح من ترديدى لحكاية كوبرى عباس ليس عن سوء نيه او قلة ادب ، بل مرجعه السخريه من غرور
الذاكره الفرديه ،فالذاكره الفرديه فى زعمه هى آفة المجتمعات الشرقيه ،وهذا الطبيب الشاب متخصص فى امراض النساء والولاده والعقم ، اما انا فرجل قانون ، وعارف بالتاريخ الحديث ، وارى ان الذاكره الفرديه هى عماد النهضه فى الشرق والغرب ،وكل نهضه على وجه الارض .
العالم يغلى ،اصوات تحطم وذوبان برجى نيويورك تلاحقهمن اركان المعموره ،سقوط بغداد ،اعدام صدام ،هذا زمن غلق الملفات القديمه ، يارجل يا عجوز ،هذا زمن استبدال الملفات القديمه ،و استبدالها بالميديا والصوره والوقائع الجديده ،الدكتور سامح
لايمتلك وقتا يضيعه فى حكايات قديمه ،القنوات الفضائيه هى التاريخ فى عرف هذا الجيل ،وتلك مظاهره طلابيه، شغل عيال ،وقعت فى منتصف الاربعينات من قرن مضى ،وعلى وجه التحديد عام 1946 ،فى عهد كانت فيه المظاهرات حديث الصباح والمساء ،والسباحه حينذاك -وقبل اتشار الانديه الرياضيه-لعبة ابناء الصعيد الجوانى على وجه الخصوص ، وواقع الامر القفز من فوق
كوبرى الى المياه المتدفقه ،لعبة سباق ،لا بطوله ، ولاشجاعه ،يا لغرور الذاكره الفرديه ،وغرور النفس البشريه ..
لم يقل ابنى الطبيب شيئا م ن هذا كله ،لكن فكر فيه ،.ثم "ضحك" .
هى بالفعل مظاهرة تلاميذ ،لكنها هزت وجدان الناس فى ذلك الحين ،ربما اغفل المؤرخون المحدثون هذه المظاهره بسبب زخم
الاحداث التى تلتها ، واصبح يذكر ما قاله الناس فى كتاباتهم .النسيان -نعم-ولكن السخريه من اقرب الناس اليه ..كلا..
الاجيال الجديده حقيقة -فى كل بلدان العالم - رمت التاريخ خلف ظهرها ،والاتحاد السوفيتى عبره لمن يعتبر ..ولكن مصر ليست
الاتحاد السوفيتى السابق.
وبعد اقر انا حامد متولى اقر بالحقيقه انه جيل لايطيق سماع حكاية كوبرى عباس او غيرها من حكايات الفدائيين فى
القناه .
ما علينا هذا تاريخ والتاريخ محل جدل ولكن هل من العدل ان ينكر ابنى حكايه شغلت وجدان ابيه ، وشكلت حياتى ،
وصاغتها على مدى خمسين عاما اويزيد.
كلا الرحمه قبل العدل ،ولكل جيل حكاياته ،ففى ذلك الزمان لم يسمع احد بالهندسه الوراثيه ، التى هى الشغل الشاغل لهذا الجيل ،
ولا بأطفال الانابيب ،ولابالنعجه دوللى ،ولابحرب النجوم.
يمكن للمرء مقاطعة زوجته ، بسبب ضحكه او ابتسامه ،ليست فى محلها ، ولكن ان يقاطع عجوزا على شفا القبر ابن
وحيد له بسبب ضحكه ،فهذا محال ،وتحملت السخافات وظلت السماعه لاتفارق اذنى السليمه.
من حسن حظى ان ابنى تابع الحديث بعيدا عن كوبرى عباس واستمر يرمى بأشياء صغيره ، طلبات ،رغبات ،اوامر .يلقى
بها ،ولايلح عليها ،يشير ولا يصرح ،وانا من جانبى اتهرب، لا اقبلها ولا ارفضها .
وكنت ودودا لم اقل له : من فى عمرى وفى مركزى -ياولد- ليس من حقه ركوب سيارة طليق زوجة ابنه ،او الدخول
الى النادى بفضل نفوذه . فمن الانصاف القول بأننى قطعة صلصال فى يد ابنى ولا اتأخر عن تلبية طلباته ، مهما كلفتنى من مشقه ،
مثل البقاء مع العمال فى العياده عند دهانها ، او البحث عن سباك او كهربائى ، من معارفى لاصلاح الخلل فى الاجهزه الطبيه المتقدمه
المشعه ، والتى لا اعرف عنها شيئا اصلها ،او فصلها ،سوى اسمائها المعقده ، المبينه بالفواتير ،اذهب الى الاسكندريه واتسلمها من
الجمرك بعد معارك ،مع المخلصين والكتبه ،وافعل ذلك عن طيب خاطر..
ويجب الاشاره الى اننى بسبب طلبات ابنى -قد تعرضت ذات مره الى تحقيقات دقيقه-
وسين وجيم ،بواسطة اجهزة الامن والنيابات ،ووكالة الطاقه النوويه ،بسبب تلك الاجهزه
المشعه ،بينما انا رجل مهنته القانون ،وليس الطب ،وشهرتى ترتكز الى معرفة واسعه
بقانون الاصلاح الزراعى فى مصر وتعديلاته المختلفه ،وقوانين الحراسه واحكام القضاء ،ولاعلاقه لى بالحيوانات المنويه ، ولاافهم فى هندسة البويضات ،ولاتشغلنى عمليات
الاخصاب خارج الرحم ،التى برع فيها ابنى...........

الجمعة، 15 يناير 2010

اسرار عائليه..!!


زوجة ابنى دكتوره شرين امرأة فاتنه، تعلق بها قلب ابنى وهما طالبان فى كلية الطب ، وتابعت حبهما فى الدراسات العليا ،ولكنها عنما قررت الزواج ،تمنعت ، ثم تركته ،طردته من حياتها ، كما تبدل فردة شراب،او حذاء ، وجرت خلف رجل اعمال ،رجل ثرى ، ملياردير، تزوجته ، عاشت معه عامين ،انجبت منه طفلا ،وفاض بها الكيل ،طلبت الطلاق ، وتنازلت عن كل حقوقها ، فى مقابل تربية الولد ،ولما طلقت عاد ابنى اليها صاغرا". تفهمت مشاعر ابنى عندما عاد اليها وهى مطلقه وفى عنقها طفل من رجل غريب،كما تفهمت مشاعره عند تعلقه بها وهى طالبه ،لم اقف فى طريق زواجه ، وفرحت لفرحه بزواجه منها ،..الزواج من مطلقه ليس عيبا" ،ولابأس ان يكون الرجل رهن اشارة زوجته ايضا"، ولكن هناك حدود. عندما طلبت ابنى الليله قبل موعدنا الثابت ،لاأأتنس برأيه فيما جرى وصار فى العالم ،وبسبب لهفتى عليه ، اسأله فى البدايه هل شاهدت التليفزيون ؟ هل وصلتك الاخبار ؟ ..اغرقنى المغفل فى مشاكل الجامعه ،وسوء ظروف العمل ،فى المستشفيات الحكوميه، وقلة الادويه ،وغياب الدوريات العلميه،وانفلونزا الخنازير . العالم يحترق والموتى بالالاف وهو غائب عن الدنيا وبعدها حدثنى عن مشاكل تامر ابن زوجته من زوجها السابق الثرى. كل ما يتعلق بالطفل لا يضايقنى سماعه ،بل اود سماعه ، فأنا اعتبره على نحو ما حفيد لى ولكن ليس هذا وقته،واستمع اليه مطيبا خاطره، ومهدئأ من مخاوفه . قال ابنى كلاما كثيرا" عن مسلك الطفل وعناده ،واستمعت له فى صبر تاره ابتسم ،وتاره اعلق،بكلمة : نعم فهمت و لمحت فى صوته هذه المره رنة ضيق شديد من شرين وتصرفاتها ،اذن فالقضيه فى اعتقادى هى قضية شرين ،وليست قضية الطفل. فهمت كرجل عجوز محنك المراد،وتجاهلت سعى ابنى الى توريطى بكلمه ،او اشاره اعتب فيها على شرين ، وقلت لنفسى خائفا:هه طفح الكيل. قال ابنى ساخطا" : الولد غير مرغوب فيه فى المدرسه الاجنبيه.معلوماته أقل من رفاقه .امه مشغوله عنه .الفاظه غير لائقه. قدرته على التحصيل قليله . استمعت اليه غير مصدق اذنى ، الشكوى من الولد مقدمه فقط ،مدخل، وبعدها تأتى طلبات ابنى غير العادله، هو ابنى وانا اعرفه،هذا الضيق سببه شرين ولاعلاقه له بالطفل ، الطفل مسكين بينهما. انتظرت بقية الحديث، الخاتمه، زبدة القول ، وجاءت كما توقعت تماما" ،رجاء غير مقبول مفاجىء، قال ابنى فى ود : - وقتك يسمح ياأبى بصحبة الولد الى النادى؟ حمام سباحه مجهز فى النادى .مغلق ومكيف. دققت فى كلام ابنى بطبيعة المحقق ، ما سبق كان مقدمه فقط ، وها قد حان وقت الطلبات .هه. لم يدخل فى لب الموضوع بعد ،لايزال مقصده غائبا" عنى ، ولم يفصح عما فى نيته . أكمل ابنى الدكتور سامح : -حصلنا على اشتراك فى نادى الجزيره من اجل تامر ، بمساعدة والده الملياردير .ووافق على نقله الى مدرسه تجريبيه بدلا من الاجنبيه.وهذا افضل للطفل ووافق على طلبات شرين كلها. قلت متعجبا" من تعرجات الحديث ، واختلال مساراته : رجل حكيم .لامشاكل . فجأه يسأل ابنى ثانية : -ما رأيك يا أبى؟ لااعرف على وجه الدقه ما يرمى اليه ابنى الطبيب . -هذا كله جميل. اكمل ابنى الحديث: - وخصص سياره مرسيدس بسائق ، لتأتى بتامر مع الشغاله الى مصر الجديده كل جمعه لاصطحابك يا ابى لنادى الجزيره والسياره ستعود بك الى مصر الجديده مره ثانيه . لم التفت الى حكاية النادى هذه ، لحظة نقلى السماعه من اذن الى اخرى، فكثيرا ما افعل ذلك ولايفتنى شىء من حديث ابنى المعاد. قلت فى صدق : -اهلا بتامر فى بيتى دوما .هذا حفيدى. سألنى ابنى فى غباء: -والنادى يا ابى ؟الا تذهب مع تامر الى النادى؟ فقلت بطيب نيه: - اى نادى يا دكتور ؟ اعاد ابنى سرد الحكايه من البدايه ، واستمعت فى غيظ ، لا اعلق ، ولا انقل السماعه سنتيمترواحد عن اذنى، الحكايه جد ولا هزارفيها. قلت فى قرف: توقفت عن السباحه منذ اكثر من نصف قرن .منذ حادثة كوبرى عباس ياولد.. قال الطبيب فى ضيق: كوبرى عباس مره اخرى يا ابى. انهيت المكالمه فى غضب..!!

الجمعة، 8 يناير 2010

صياح الديك..!!

شببت على متابعة الصحف والمجلات،منذ اكثر من ستين عاما على الاقل،لهذا تشغلنى فى شيخوختى السياسه الداخليه والخارجيه ومجريات الامور فى العالم ،تارة من خلال الصحف ،وتارة من
خلال احدث الكتب والمراجع،وتارة عبر المحطات الاذاعيه،وكثير من خبرتى االيوميه ،واحتكاكى بالناس
وغالبا ما ينتهى حديث السياسه الى :اوووووووف..!!
عندما يصيح ديكى ..!!اصمت واسرح بعيدا ..فى نوبة شرود عن الجالسين .كل منا له ديكه
الذى يوقفه عن الكلام ،شهرزاد كانت تتوقف عن الحديث عند صياح الديك.وتقول :تعبت يامولاى.
وعادة ما اتوقف مثلها عن الكلام فى منتصف الحكايه،فى نقطة الذروه بعد تصاعد الاحداث.
رجل عجوز يخاطب نفسه ،ولاضرر،ويضحك الاخرون.
رفاقى من رجال القضاء وكبار الموظفين ،اولئك اللذين لاتشغلهم السياسه من قريب او بعيد،اما انا فحيوان سياسى ومرجع ذلك
الى اعمامى واخوالى كلهم من رجال الوفد فى ثورة 1919 فى الصعيد الجوانى.
هذه حكايات عادة ابدأها ،ولااكملها..
فى منتصف القرن الماضى ،خاصة بعد ثورة يوليو ،وزخم ايامها ،بل وساعتها،فى سنوات عملى بالللأصلاح الزراعى،
وتوزيع اراضى الباشوات على المعدمين،كنت ارى نهاية القرن يعيده، وكنت اعتقد اننى لن الحق بنهاية القرن،ويكفينى ما عشت من
زخم ،والعمر يقاس بثرائه وليس بطوله،ولكن طالت حياتى للأسف وعشت حتى شهدت عقدا" جديدا" بعد نهاية القرن.
وشهدت عودة الاراضى لأصحابها الاول من الباشوات السابقين والاعيان ،وتشرد الفلاحين .
وعبرت حاجز الالفيه ،وامتلأ الكأس واصبحت جدا"،كلا،لم اصبح جدا" بعد.
وهذه واحده من مشاغلى المؤرقه ، وكل وله حكايه تشغله الى جانب حكايات الرحيل التى قد يراها البعض سخيفه.
فكل قضيه فى هذا البلد لها زيل، على حد قول الجبرتى شيخ المؤرخين،وقضيتى ربما لها عدة ذيول فى وقت واحد.
لهذا لا اطيقالبقاء فى البيت نهارا" فذكرياتى طازجه، وسخريتى جاهزه،واحوال البلد وضجيجها ، وزحام الطرق،وارتفاع الاسعار
،تثير فى نفسى الحنين الى ما مضى من سنوات الشباب،وعنفوان الرجوله،حين كان لى شأن .
على الرغم من من زحام المدينه ،اصر على الخروج صباحا الى وسط البلد ووسط مصر الجديده،اجلس على المقاهى ،اقرأ الصحف ،اقابل اناسا اعرفهم او لا اعرفهم ،لا يهم ،ادور على المحلات متفرجا بلا نية الشراء ،المهم الخروج فى ذاته ، يوميا
وفى مواعيد ثابته ،وكأنى ذاهب الى عمل.
وهذه هى جولتى الصباحيه كما اطلق عليها..